المقالاتثقافي

قراءة للمجموعة القصصية ( المدينة المحرمة) للشاعرة همت مصطفى

كتبت/ ياسمين ثابت
في البداية اختيار الكاتبة لهذا العنوان جعل عقلى يطوف فى اكثر من اتجاه لاخمن ماسوف اجده بهذا العمل فظننت من عنوان المجموعة اننا سوف نجد حكايات من العصر الحجرى او النحاسى او حكايات من العالم الاخر تحتوى على اساطيرا نمطية كما المعتاد لمثل هذه العناوين ،كل هذا فعلته بنا الكاتبة بحرفية اختيارها لعنوان المجموعة الذى يشير الى مدينة لانعلم مكانها او زمانها لكننا نعلم انها محرمه
تصفحت المجموعة لتأتى لنا المفاجأة بان المجموعة لاتحمل الحكايات النمطية المتعارف عليها
ولا حتى ما جال فى عقلى بل تحمل مجموعة من الرؤى الفلسفية التى تخص المرأة فى شتى مراحل العمر من الصبى للشيخوخة وتحدث بالفعل فى عالمنا الذى نعيشه
ونتعايش معه ، والحقيقة اننى قرات هذه المجموعة مرات عدة لانجذابى للفلسفة التى استعانت بها الكاتبة
فالمجوعة تحمل بين طياتها لغة شفيفة سهلة وفلسفة عميقة لمشكلات عدة جل محورها يتعانق مع مشكلات تخص المرأة فى المقام الاول طرحتها الكاتبة من زوايا عدة
واسمحوا لى ان افند رؤى المجموعة التى تحتوى على ثلاثة وعشرون قصة افند منها بعض القصص تفصيليا والبعض الآخر ساتركه للقارئ لاننى لا اريد ان افسد على القارئ قراءة المجموعة واحرق احداثها وهذا لان كل قصة تحمل رسالة برؤى مختلفة على الرغم من ان اسلوب الكتابة لم يتغير حيث ان الكاتبة احكمت ادواتها وتميزت عندما استعانت فى تمركز اختيار تفاصيل احدثت تناغم افرز لنا هدفا
وهو المفارقة والدهشة تماما كما فعلت بعقولنا فى اختيار العنوان اى انها جمعت بين الفلسفة والعمق الذى لجأت لجمعهما معا لتحدث انجذابا يجعل القارئ لا يمل من تصفح المجموعة
وكان هناك صوت للكاتبة خفى يقول لنا تصفحوا التالى سوف تجدون المزيد ونحن نصغى لها ثابتين ونقول لها ايضا لكٍ هذا سيدتى

بالنسبة للفلسفة فنجدها بحرفية فلسفية قد اختارت عناوين و اسماء ابطال مجموعتها القصصية لتجسد لنا من كل اسم تعريفا لصفات الاسم فندت تلك الصفات فى سياق القصه فجعلت كل بطل له نصيب من صفات اسمه داخل القصة وسوف نبرز هذا تباعا كما اشرت مع كل قصة ساطرحها
ولنبدا بالقصة الاولى والتى تحمل عنوان ( سلمى )
والتى كان ابطالها
سلمى
ومحبوب
هنا نتوقف عند الاسماء وكيف استطاعت الكاتبه تطويع تلك الاسماء فى سياق السرد حيث جعلت العنوان يحمل اسم البطلة (سلمى) وهذا الاسم اذا بحثنا عن معناه نجد بان سلمى تعنى النجاه والسلامة
وبالفعل القصة بها نجاة
حيث استطاعت سلمى ان تنجو هى (ومحبوب الطيب) الذى خدعته حية وتلاعبت بعواطفه حتى تملكته وجعلته يأمن لها ويطعمها بيده
وهنا نستشعر وكأن الحية نموذج من امراة تفعل الحيل للنيل من فرائسها ثم تعض اليد التى مدت اليها
وفى النهاية تنجو سلمى ومحبوب من مكر حيه ويرفض محبوب قتل الحية ولكن يلقها من حيث اتت وهنا تكمن الفلسفة من صفات الاسماء
فسلمى نالت السلامة والنجاه للجميع ومحبوب تغلبت عليه المحبة وتعاطف مع الحيه على الرغم من اذيتها له هو وسلمى

……
ناتى للقصة الثانية
وهى لاتحمل اسماء لابطال ولكنها تحمل عنوانا وهو (الجرم الشرعى)
سلطت الكاتبة الضوء هنا على مشكلة مجتمعية تحدث فى الاوساط المتدنية فكريا وهى اختيال البراءة فى ليلة الزفاف وموت العروس بمباركة الاهل والحقيقة هنا جسدت الكاتبة وحشية الجهل الذى لعب دورا رئيسيا فى الزج بالعروس الى القبر
فكانت الجريمة جرما شرعيا كما حمل العنوان

…..
وفى القصة الثالثة والتى جاءت بعنوان ( ليلة قمرية )مشكلة اخرى فى حياة امرأة ولكن من زاوية اخرى
فى تلك القصة الاسماء تضاء لنا مرة اخرى مع رمزية عنوان القصة
-آمال اسم بطلة القصة
عبرت عنه الكاتبة بالامال المحطمة
بضياع حلم البطلة فى النيل من الذى هواه قلبها بسبب تسلط الاهل وعدم مراعتهم لمشاعر الابناء
لعب ايضا العنوان دورا هاما فى احداث القصة فقد جعلت الكاتبة القمر شاهدا موثقا لقصة حب على الرغم من مصادرتها من قبل الاهل الا ان القمر احتفظ للبطلة بذكرى كتبها حبيبها على رسالة لم ترى منها غير كلمة قمرا مما جعل البطلة تخلد مع القمر ذكرى ما كانت تحلم ان تعيشه مع حبيبها المفقود

-وفى القصة التاليه والتى جاءت تحت عنوان (موعد مع الحياة)
ناقشت القصة قضية الشيخوخة لدى المراة والسؤال الذى يؤرق المرأة عند تقدم العمر وهو كيف للمراة فى هذا السن المتقدم ان تستعيد صباها الذى اهلك بفعل السنين ؟

ثم ناتى بعد ذلك إلى باقى القصص والتى وجدناها تناقش كل منها على حدى قضايا مختلفة للمراة بنفس طريقة الكتابه المسنود على الفلسفة والعمق والرمزية ولكن بشكل غير تكرارى ومميز كما اضافت الكاتبة للسرد الفلاش باك وهذا يعزز المشهدية التى نسجتها الكاتبة بالقصص
هنا يتضح لنا ان القصة انسانيات اجتماعية ورومانسيه فى حياة المرأة ناقشتها الكاتبة بشكل به الكثير من العواطف الرومانسية الحزينة تلك الانسانيات ليست فى زمن معين ولكنها شملت جميع الازمنه سواء كانت قديما مثلما ذكرنا فى قصة (ليلة قمرية )
وحديثا مثل قصة ( مشاعر الكترونية)
والتى ناقشت فيه الكاتبة ما تواجهه المراة فى عصرنا الحديث من معاناة تعيشها بعض الزوجات مع ازواجهن بطلها هو الفيس بوك الذى جعل بعض الازواج يلجأوا الى الحب الافتراضي على السوشيال ميديا ومن الجميل ايضا ان بطلة تلك القصة اعطت لزوجها درسا فلسفيا يستند على الحكمة وايضا على صفات اسم البطله وهو (هدى)

لتختتم كل هذا بالقصة التى هى عنوانها بطل المجموعة وهى قصة ( المدينة المحرمة)
هذه القصة اثبتت بان لا نجاح لاى حب يستند على خراب بيت مكون من اسرة والحقيقة ابدعت الكاتبة فى ان تظهر هذه القصة بالفلسفة الرشيدة التى انتصرت للاسرة وعظمت من جرم اللجوء الى نزوات الحب المحرم

ومن هنا نستشف بان المدينة التى رايناها فى المجموعة القصصية هى عالم المرأة الذى لا يجب المساس به
وعلى الرغم من ان هذا كله من الممكن ان يفسره البعض على انه تحيزا من الكاتبة للمرأة فى المجموعة دون الرجل لكن فى تصورى ان همت مصطفى انصفت الرجل واظهرته بدورا طبيعيا يليق بمكانته فهو نصف المرأة الاخر وشريكها هو الاخ والصاحب والزوج والحبيب والصديق
وهذا ما اتكأت عليه همت مصطفى وابرزته بشكل مفعم بالتعاطف والاعجاب بمواقفه وهذا واضح جدا فى بعض قصص المجموعة وعلى الخصوص فى قصة( المدينة المحرمة) التى ابرزت فيها الكاتبة شخصية الرجل المضحى حيث ضحى فيها الرجل بحبه فى سبيل اسرته وابنائه وهذا يعد انتصارا لدور الرجل داخل المجموعه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى