المقالات

قراءة فى رواية بروفة لحياة مؤجلة للروائى الاستاذ أحمد عامر

كتبت /ياسمين ثابت
من عنوان الرواية نستنتج اننا امام عمل يعتمد بالكلية على الاحلام المؤجلة او الحياة المكتوبة على الورق فى عالم افتراضي تصنعه الذاكرة
وعند الدخول فى الاحداث تجد بالفعل الرواية تحاكى حياة افتراضية يسردها راوى بلغة عربية اختيرت كلماتها بعناية فائقة وبشكل غاية فى الحرفية ومن طريقة السرد نكتشف باننا امام احداث مشهدية تتوالى داخل الذاكرة لتتشكل على هيئة رتوش متلاحقة تجعلك تشعر بانفاس الراوى المتلاحقة التى عبر عنها الكاتب بحرفية فى طريقة سرد احداث الرواية حتى يؤكد لنا بهذه الطريقة مدى المعاناة او الازمة التى يعيشها بطل الرواية وفى تصورى اعتماد الكاتب على ملاحقة الاحداث على هيئة رتوش تنير وتطفئ فى الذاكرة والتى بدورها تشكل المشهدية فى خيال القارئ قد اضفى للرواية عوامل جذب بل جعل القارئ يتخيل فى بعض الاحداث الموسيقى التصويرية المناسبة والتى تعلو فيها خفقات القلب المتلاحقة عند حدة الحدث
ثم نأتى الى احداث الرواية التى تطرقت الى عدة ازمات منها ازمة منتصف العمر التى ساقت البطل الى الدخول فى مصفوفة العالم الافتراضي على السوشيال ميديا والذى برع الكاتب فى تسمية الوجهة او البوابة التى ولى البطل اليه وجهته (مملكة الهاربين) هذا العالم فتح للبطل الغير مسموح له فى الواقع ان يفعله وجعله يرتدى قناع فى محاولة منه ان يتخفى من اعين والسنة الناس
وايضا ازمة العلاقات المحرمة المتعددة الذى تطرق لها الكاتب طيلة الاحداث بشكل صريح وجرئ اكثر من اللازم واعتقد ان هذا افقد الرواية بعض من الجماليات عندما استخدم الكاتب بعض الالفاظ الصريحة الخارجه عن النص خاصتا ان كل ازمة تناولها كانت فى غاية الأهمية والخطورة وتحدث فى عالمنا بالفعل وايضا وضع يده على الاسباب التى ادت الى لجوء ابطالها لتلك المحرمات فكان من الممكن ان يتغاضى عن تلك الالفاظ وينوه عنها بشكل غير مباشر خاصتا انه لديه الحرفية الكافية فى السرد والتى تجعل القارئ يقرأ من بين سطوره مغزى مايريد ان يوصله له دون ملل
وهذا ظاهر جدا عندما سرد ازمة الزوجة التى توسلت الى زوجها ان يرجع من السفر ولم يأبه لتوسلها فوقعت وراء الغرائز المحرمة
وازمة الرجال المراوغين الذين يجهزوا بشتى الحيل على السمكة الفريسة حتى تستسلم لهم وايضا النساء اللواتى يصطادن الرجال

بروفة لحياة مؤجلة


وايضا تهاوى انسانية الترابط الاسرى التى عندما تغيب تهزم بيوتا عدة مثل انشغال بعض الازواج بالموبيقات وترك زوجاتهم التى احلهن لهم الله
ثم بعد ذلك تأتى ازمة الثورة التى لم تاتى بثمارها لمن صنعوها والذين ارهقت حناجرهم من المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية فجعلتهم يتقوقعوا داخل العالم الافتراضي اكثر واكثر ويقعوا فى حالة من الهذيان الفكرى الساخط على المسؤوليات الاسرية والوطنية ايضا ليعتقد من حولهم انهم قد اصيبوا بمس وهذا مارايناه فى النصف الاول من الرواية عندما خضع بطل الرواية الى جلسة علاجية وتعرض للضرب على يد المعالجين الروحانين او بمايسموا المشايخ وعلى الرغم من ذلك لم يكف عن اللجوء للمصفوفة والولوج عبر بوابتها الى العلاقات المحرمة ومن الجميل ان الكاتب خلق صراع نفسى طيلة الاحداث ليبين ان اللجوء للعلاقات الغير شرعية تضع صاحبها فى حالة هذيان
ثم نجد بعد ذلك ازمة المتأسلمين اصحاب اللحى العيرة الذين نصبوا من انفسهم رعاة الجنة والنار فسعوا فى الارض مفسدين واستباحوا الموبيقات لانفسهم وكفروا من حولهم
لنجد فى نهاية الامر فلسفة فكرية متفردة فى عالم الرواية سُردت باحكام وحرفية كاتب بارع مجدد وظهرت تلك الفلسفة بوضوح فى الخاتمة التى اتت على شكل نصيحة بان الانسان يتجول بفكره داخل المقابر والجوامع والكنائس والمستشفيات ليستشف العبر التى تغذى روحه وعقله وعندما يصل الى نهر الفكر ويفهم ماهية الحياة وجب عليه ان يأخذ منها الذى يمرره منها من خلال استخلاص العبر واذا لم يفعل وجب عليه ترك جسده للسقوط ولا يأسف عليه

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى